بين الركود الأول الكامن والركود الثاني المصمَّم ، يتبين لنا أن الشعوب المستعمرة سابقا المضطهدة آنا أمام تحديات تحول دون تحقيقها لشروط السيادة وشروط الانعتاق الحقيقين، وهي تحديات تلخص ماهية القوى المضادة للنهضة -أو قل المضادة للحراك أو المضادة للثورة- تتمظهر على ثلاثة مستويات:
١. القوى المضادة الكامنة: أي المستوى الذاتي الذي تجسده رواسب الركود الأول؛
٢. القوى المضادة الدخيلة: أي المستوى الوصائي المضاعف الذي تجسده الأنظمة المنتدبة وأذرعها ونخبها التي تتصدر الواجهات السياسية والثقافية؛
٣.القوى المضادة الخارجية: أي المستوى الخارجي الذي تجسده قوى الاستعمار والإمبريالية الاستعبادية الدولية التواقة للهيمنة والسيطرة الدائمة Read More
لازلنا نتقفى شروط تحقيق السيادة ونحاول تشخيصها باعتبارها الهدف الأسمى الذي خرج من أجله الشعب الجزائري في حراكه المبارك. وقد لخصنا في جزئية سابقة من هذه السلسة كيف أن حراك الشعب الجزائري برز للوجود في ظرف تاريخي يمكن وصفه على أنه نتاج لاستعمارين وركودين تطرقنا لأحدهما في الجزء السابق؛ الاستعمار المباشر الذي تَقَدمه ركود كامن ذاتي؛ وسنتطرق هنا لثنائية الاستعمار بالوكالة وما يتخلله من ركود مصمَّم وقصدي أُريدَ به تكريس منظومة الهيمنة والسيطرة الدائمة على الشعوب. Read More
انتهينا في الجزء الأول إلى أن الحس الجماعي لحراك الشعب الجزائري -كما تمظهر من خلال شعاراته- انتقل من ردة الفعل و الانفعال، عبر قلة حيلة و رشد، نحو بدايات العودة للفاعلية التاريخية التي من شأنها التأسيس لفلسفة و ممارسة إنعتاقية جديدة أساسها سيادة الشعب و أداتها مزدوجة الحرية و الكرامة.
و يبقى تحديد ماهية السيادة التي يتوق إليها الشعب من أحد أشد الرهانات صعوبة في هذه المرحلة من الحراك، بما في ذلك تحديد الوجهة الصحيحة التي يجب اتخاذها لتحصيل شروط تحقق السيادة، وبالتالي تعدي المطالبة بها فحسب.
و للمساهمة في تشخيص شروط تحقيق سيادة الشعب، لابد أن ننطلق من تسليط الضوء على تاريخية الظرف الراهن للحراك وتحديد ماهية السيادة ضمن تلك التاريخية. فإذا اتفقنا أن الشعب الجزائري قد درء عن نفسه غبار سباته مستيقظا يريد أن يعود ليصبح فاعلا في التاريخ و صانعا له لا منفعلا ومسخرا فيه، فمن الواجب أن نتسائل عن طبيعة الظرف التاريخي الذي استيقظ فيه وعن العوامل التي أنتجته.
بحكم انتماءنا الحضاري يمكننا أن نلخص صورة هذا الظرف التاريخي على أنه نتاج لاستعمارين؛ أحدهما مباشر و آخر بالوكالة؛ يتخللهما ركودان أحدهما ذاتي كامن كان من أسباب أولى الاستعمارين، وآخر أجنبي خارجي و قصدي أُريدَ به تكريس ثاني الاستعمارين. فكيف ذلك…؟ Read More
ستة أسابيع من الضغط الشعبي وما زامنه من صراعات بين أقطاب نظام متناحرة ساقها الشعب لتناحر أشدّ، كانت كافية للاطاحة ببوتفليقة ونبذ بعض حاشيته. ونحن على مشارف الأسبوع الثامن، أصبح جليا اليوم لكل ذي حجر في الداخل والخارج أن حراك الشعب الجزائري حراك بناء وعي جماعي جديد لاسترداد سيادة الشعب وفعاليته في التاريخ. كما أنه من الواضح أن سقوط بوتفليقة وتعيين رئيس للدولة بهذه الكيفية يمثل منعرجا حاسما في حياة هذا الحراك يستوجب تغيرا نوعيا في طبيعة وأساليب النضال من أجل استكمال وتثبيت سيادة الشعب.
بسم الله الرحمن الرحيم
يستمر الحراك الشعبي في الجزائر وتستمر معه المطالب السياسية، وتتمدّد معه رقعة الوعي وتتسع كل أسبوع بعد أن بدأت خافتة على إثر عقود من الصمت والترقب. لقد تدحرجت كرة الثلج وكبرت على مدار خمس جمعات كاملة، قدم خلالها الشعب الجزائري أرقى صور التحضر والسلمية فأبهر القريب والبعيد معا.
ولأنّ الوعي السياسي نتاج التنشئة والثقافة السياسيتين فإنّ الشبكة الجزائرية للأكادميين والعلماء والباحثين تثمّن هذا المسار الذي انتهجه الشعب وتشدّ على أيدي المخلصين الذين ما فتئوا يساهمون في التوعية والتثقيف منذ سنوات خلت، وها هي ثمرة مجهوداتهم بادية للعيان. Read More
ما إن استنشق الشعب الجزائري نفحات من حرية التعبير وارتشف رشفات من كأس السيادة وتحديد المصير حتى تجلت منه واستفحلت فيه أخلاق حميدة كثيرة ، من تضامن ورفق ونظافة واحترام لراحة مريض ، بل وحتى اخلاء السبيل لمرور سيارات الإسعاف – وهو أمر من الندرة بمكان كما يعلم كل من قاد سيارة في ازدحام. و هذه ظاهرة تحقق إلى حد ما نظرية إبن خلدون التي لخصها بقوله أن كل الشعوب التي ربيت بالعنف في التربية و حكمت بالعنف في السياسية تفقد معاني الإنسانية. حراكنا إذا له القدرة على وضعنا في محطة إنبعاث و رقي نحو تربية و سياسة تنمي فينا معاني الإنسانية، التي يعرفها الفيلسوف أبو يعرب المرزوقي بأنها القدرة على حماية الذات و الإبداع و الحرية الفكرية. Read More
لا يغرنكم المغازلون للشعب بقمة وعيه و كأن الهدف قد حُسم . القضية قضية وعي والحراك حراك لتحريره و ترقيته ثم استخدامه للتصدي للتحديات الحقة ، فلا يعقل أن ننطلق بمقدمات تفترض النتيجة مبنى لها. لنعي هذا على الأقل بداية … و ليكن حراكا نحو بناء وعي حقيقي و انعتاق حقيقي من أقطاب النظام و من يغذيها من قوى الشر المتربصة ، أو لا يكن . نحن نعاني مكر الإستعمار الجديد ، فلنسعى لتحديد مفاهيم لإستقلال جديد و الوعي بما يعيق تحقيقه لتجسيده حقا ، غير ذلك لن يعدو اليوم و غدا أن يكون مطاردة لذيلنا … Read More