بسم الله الرحمن الرحيم
يستمر الحراك الشعبي في الجزائر وتستمر معه المطالب السياسية، وتتمدّد معه رقعة الوعي وتتسع كل أسبوع بعد أن بدأت خافتة على إثر عقود من الصمت والترقب. لقد تدحرجت كرة الثلج وكبرت على مدار خمس جمعات كاملة، قدم خلالها الشعب الجزائري أرقى صور التحضر والسلمية فأبهر القريب والبعيد معا.
ولأنّ الوعي السياسي نتاج التنشئة والثقافة السياسيتين فإنّ الشبكة الجزائرية للأكادميين والعلماء والباحثين تثمّن هذا المسار الذي انتهجه الشعب وتشدّ على أيدي المخلصين الذين ما فتئوا يساهمون في التوعية والتثقيف منذ سنوات خلت، وها هي ثمرة مجهوداتهم بادية للعيان. إن العلم وحده ما يصنع التقدّم والازدهار، وهو عماد الأمم والأساس الذي تقوم عليه الحضارات، وإذ تعرب الشبكة الجزائرية للأكادميين والعلماء والباحثين عن مساندتها المطلقة للحراك الشعبي فإنّها تدعو أيضا كلّ الباحثين والمفكرين والعلماء داخل بلدنا الحبيب وخارجه إلى المساهمة في تحليل الظاهرة الاجتماعية والسياسية الوليدة، وتلحّ على ضرورة استثمار هذه الصحوة السياسية بما يخدم المصلحة الوطنية ويحقّق آمال وطموحات الشعب الجزائري. و سنخصص لهذا الصدد بابا جديدا في مجلة الشبكة تحت عنوان: “عن الحراك”. كما نلح على ضرورة مواصلة التواصل و الترابط و التلاحم بين علماء الجزائر و باحثيها عبر الأقطار و بين مختلف المبادرات الفكرية و العلمية المستقلة داخل و خارج البلد لتظافر الجهود و تكثيفها في هذا المجال.
لقد أبدعت الجماهير في التعبير عن مواقفها السياسية بمنتهى السلمية والتحضر وهناك انتهت مهمّتها الجليلة وبدأت مهمة النخبة المثقفة لتضع القطار الشعبي على السكة الصحيحة، وتعيد صياغة مطالبه وتفكيكها بمنهجية علمية رصينة تُهيكل الوعي الشعبي طبقاً لما أنتجته العلوم الإنسانية والتقنية في عالم يؤمن بالعلم والمنهج ولا غير العلم والمنهج. دخلت بلادنا الألفية الجديدة متلكّئة ثمّ حان أوان رفع الوتيرة فجأة، ومن هنا يأتي دور المفكّرين والعلماء في رسم خارطة المستقبل لبلدنا الجزائر آخذين بعين الاعتبار مختلف الرهانات المؤثرة على مسيرات الشعوب ومصائرهم.
إننا نخطو أولى خطوات استئناف حضاري حقيقي الذي يبدأ بالانعتاق من الاستبداد والفساد والدكتاتورية و من الهيمنة الخارجية و سياسات الاستتباع و الإمبريالية ، ونستشعر ثقل الحِمل الموضوع على كاهل شعبنا العزيز، ونجد أنفسنا مسؤولين اليوم أمام الله ثم التاريخ على مآل واتجاه دولتنا وشعبنا. وفي هذا الصدد تجدد الشبكة الجزائرية للأكادميين والعلماء والباحثين دعوتها لهؤلاء من أجل أخذ زمام المبادرة والمسارعة عاجلاً إلى الكتابة والبحث والتحليل والتوجيه وطرح الحلول من أجل مستقبل زاهر لوطننا الجزائر.
عن شبكة النصر
د. أسامة مطاطلة
المملكة المتحدة، 24 مارس 2019
About the Author